مميزات وعيوب العمل المستقل
لا شك أن مجال العمل الحر، أو العمل المستقل أصبح مجالا لا يمكن الإستهانة به بأي حال من الأحوال، فهناك العديد من الدول وعلى رأسهم الولايات المتحدة أصبحت تعتمد بشكل رئيسي على العمل المستقل، حيث أن هذا المجال في الآونة الأخيرة بات يساهم بما يعادل 715 مليار دولار للإقتصاد الأمريكي.
فدعونا نأخذ جولة سريعة بالأرقام حول إحصائيات العمل المستقل بأمريكا، وفق دراسة قام بها “اتحاد المستقلين” في عام 2014، حيث أنها تفيد أن هناك بما يزيد عن 34% من إجمالي القوى العاملة بأمريكا يعملون بشكل مستقل لحسابهم الخاص، وهذه النسبة تمثل حوالي 53 مليون مواطن من الرجال والنساء.
ليس هذا فقط وإنما وسوف تندهش عندما تعلم أن 80% من العاملين لدى جهات نظامية باتوا يخططون لترك وظائفهم والإتجاه للعمل المستقل لحسابهم الشخصي.
إذا كان هذا هو حال العمل المستقل في أمريكا، فما هو حال الإنترنت العربي وموقف الشباب العربي من العمل الحر؟
مما هو لا شك فيه، أن منطقتنا العربية أصبحت تمر بالعديد من الظروف والمشاكل على المستوى السياسي والإقتصادي، مما أثر وبشكل بالغ على تدني مستوى الدخل وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب. وأصبحت الحكومات عاجزة عن إستيعاب اي قوى عامله اضافية.
وعلى نحو آخر، فإن عدد مستخدمي الانترنت في العالم العربي يصل إلى 168 مليون مستخدم، يبحثون عن فرص لتوظيف أنفسهم والحصول على دخل شهري ثابت ومناسب يعيشون به دون الحاجة للإصطفاف في طوابير البطالة.
فالجوانب الإيجابية للإتجاه للعمل الحر تزيد يوما بعد يوم، ونرصد من خلال هذا المقال أبرز الدوافع والمميزات التي تجعلك تتجه سريعا للعمل لحسابك الخاص:
إذا كنت من بين هؤلاء الذين يخجلون أو يرتابون من حقيقة العمل المستقل أو الحر حين يسألهم الأخرين عن وظيفتهم، فسوف نحاول أن نهون عليك هذا التردد ونسرد لك بعض مزايا العمل لحسابك الشخصي بشكل مستقل.
- أنت مدير نفسك
نعم فأنت حر، أنت مدير نفسك، وأنت صاحب مشروعك، وأنت أيضا المالك الحقيقي لشركتك اللامكانية، ليس لديك مدير قاسي لا يهتم أو يراعي ظروفك، وليس حتى لديك شريك يسبب لك اي مشكلة او خلاف مادي أو معنوي. لست ملتزم بمواعيد حضور أو إنصراف، فأنت من تحدد وتخطط تعاملاتك بالشكل الذي تريده، أنت من يحدد وقت العمل، وكذلك الميزانية المناسبة لك، دون أن يشاركك فيها أحد.
لديك الوقت لتفعل أي شئ، فلست ملتزم بالجلوس أمام شاشه الكمبيوتر من الساعه الثامنة صباحا وحتى الساعة الخامسة مساءا، فبإمكانك أن تختار الوقت الذي يناسبك طالما قادر على الالتزام باتفاقاتك مع العملاء.
يمكنك أن تأخذ العطلات كيفما شئت، تستطيع السفر في أي وقت وفي أي مكان، تستطيع حتى العمل أثناء سفرك اذا تطلب الأمر ذلك، فلست في حاجة سوى جهاز اللابتوب فقط لتنجز وتتابع اعمالك.
- أنت غير مرتبط بمكان ثابت
هل ميزة أخرى من مميزات العمل المستقل، فأنت كصاحب عمل غير مضطر للبحث عن مقر عقاري يكلفك كل شهر مبالغ ومصاريف باهظة، وكذلك غير مضطر لمغادرة المنزل كل يوم صباحا للجلوس في النهاية بالساعات على مكتب غير مسموح لك بمغادرته الا في أوقات محددة وبعد الإنتهاء من مهام معينة مطلوبة منك.
فتخيل مدى الراحة النفسية وأنت تمتلك 24 ساعة كل يوم، تستطيع تخطيطهم كيفما شئت، فتستطيع اليوم أن تعمل فترة صباحية، وتقضي باقي اليوم مع اصدقاؤك، وغدا تستطيع أن تخرج بصحبة العائله أو تسافر معهم إلى مكان ما في فترة النهار، وتؤجل فترة عملك إلى المساء. فمن يقدر على فعل ذلك الا اذا كان مستقلا ؟!
- غير مرتبط بدوام ثابت او ساعات عمل
بإمكانك العمل 8 ساعات، وبإمكانك العمل 12 ساعة، والأهم من عدد ساعات العمل، أن أصبح بامكانك تحديد اذا كنت ستعمل كل هذه الساعات دفعه واحدة، أم أنك ستقوم بتجزأتهم على مدار اليوم؟
فأنت غير مرتبط بالأجازات والعطلات الرسمية، بإمكانك تحديد العطلات والأجازات الخاصة بك، وتحديد ساعات العمل كيفما شئت وبكل حرية، طالما أنك على دراية جيدة بإدارة عملك بالشكل السليم.
- غير مرتبط براتب او دخل مادي ثابت
وهذه هي الميزة الأقوى من مميزات العمل المستقل، أنك لسه موظف، فالبتالي لست مرتبط براتب شهري ثابت مقابل مشاريع ومهام معينة ستقوم بإنجازها خلال الشهر، فمهما زادت المشاريع عليك في فترة فأنت مربوط في النهاية بمرتب ثابت وفي الغالب لن يتم تعويضك عن هذا بالشكل المثالي والمرضي.
تذكر دائما أنك أنت صاحب مشروعك، وأنت المدير والموظف في نفس الوقت، أنت من تدير أمور حساباتك، ووقتك، وانت ايضا المسئول عن تسويق نفسك وجدولة تعاملاتك، أنت المنفذ والموظف، أنت كل شئ في هذه المنظومة لا أحد آخر.
فكلما اجتهدت أكثر، كلما زاد دخلك. وبقدر انتاجيتك وعملك وجهدك، بقدر ما ستحصل في النهاية على دخل أكبر. فأنت من يحدد ميزانية كل مشروع مطلوب منك. وأنت من يحدد وقت العمل، فلست مضطر أن تضغط نفسك على الاطلاق، بل اذا طلب منك أحدهم تعجيل موعد التسليم فبإمكانك أن تضع تسعيرة اضافيه لذلك.
- ليس لديك حدود
العمل المستقل على الانترنت غير محدود فعلا. والغريب أنه مع مرور الوقت تتسع آفاق العمل على الانترنت أكثر، وتخلق فرص ومجالات عمل أكبر، سواء في الانترنت العربي أو الغربي.
أصبحت مجالات العمل واسعة وكبيرة بالشكل الذي يجعلك مخير في أي طريق منهم تسلك. هل ستقرر استغلال خبراتك في مجال ما، وتصنيع منتجات وبيعها على منصات البيع الشهيرة، أم أنك سوف تعمل بأجر/الساعه لدى مواقع أخرى، أم أنك سوف تشارك في منصات العمل المستقل مثل تراتيق، وتبدأ بطرح عروض واستلام مشاريع، بامكانك عمل هدف او Target شهري لك، أنك هذا الشهر سوف تحاول أن تنجز عدد 10 مشاريع مثلا. والعديد من فرص العمل الأخرى، فمنهم من يترك كل هذه الفرص ويتجه لبناء موقع شخصي يقوم بتسويقه ورفع ترتيبه في محركات البحث والكسب من خلال الاعلانات او جوجل ادسنس.
في النهاية أنت لست مقيد على الاطلاق، يمكنك كتابة المقالات، أو البرمجة، التصميم، التسويق، بيع خبراتك، والعديد من المجالات والطرق المختلفه ، والتي تشترك جميعها في النهاية أنها مصدر دخل جيد وثابت للالاف بل والملايين ايضا.
عيوب العمل المستقل
لا شك أن اي شئ في هذا الكون له ما له وعليه ما عليه، فالكمال فقط لله عز وجل. فالأمر يتطلب فقط حسابات بسيطه تقرر من خلالها مدى انسجامك مع هذه العيوب، وكذلك المكتسبات التي ستحصل عليها نظير ذلك.
بالتأكيد هناك بعض المخاوف لدى العديد ممن يعملون بشكل مستقل فعلا، وهذه المخاوف ناتجة عن بعض السلبيات التي يواجهونا في هذا المجال، فدعونا نسرد أبرز هذه العيوب على سبيل المثال
- غير مرتبط براتب او دخل مادي ثابت
بالفعل، فهذه كانت احدى الجوانب الايجابيه التي تم سردها في مميزات العمل المستقل، ولكن قد يراها البعض الاخر سلبيه او من ضمن تخوفات الاتجاه لهذا المجال.
فأنت فعلا غير مرتبط براتب او دخل ثابت، قد تستطيع ان يكون دخلك هذا الشهر 2000 دولار، وقد يكون الشهر القادم 1000 دولار، وقد يأتي عليك شهر لا تستطيع تحصيل اموالك من العملاء نظرا لتعثرهم لفترة او ما الى ذلك…
فعليك أن تضع كل هذه الامور بين عينيك، وقبل أن تتجه للعمل الحر، فعليك أولا ان تضمن جيدا أنه أصبح بامكانك الاستغناء عن الوظيفه، كما أنك في بداية عملك او تأسيسك لمشروعك المستقل، فعليك أن تقدم العديد من التنازلات، سواء في السعر، او في فترة التسليم، او في تحمل ضغط العملاء. عليك أن تشتري العميل ولا تجعله هو من يشتري منك. حافظ عليه واخلق مجال عمل مستمر بينك وبينه.
قد لا يأتيك كل شهر دخل ثابت، فممكن أن يكون دخلك هذا الشهر 2000 دولار، وفي الشهر القادم قد يتعثر عملاؤك عن الدفع وقتها، وبالتالي فإن دخل الشهر السابق ممكن أن يوفي التزماتك لفترة محددة حتى تستطيع أن تحصل اموالك، وهكذا…
فأنت لست موظف كما ذكرنا من قبل، أنت صاحب مؤسسة، وعليك تدبير كافة امورك الماليه بشكل سليم ومنتظم، بحيث لا تضغط عملاؤك او تخسرهم، وفي نفس الوقت أيضا لا تضغط نفسك ماديا.
- دخلك يكون بقدر انتاجك
كلما زاد انتاجك وعملك وجهدك، كلما زاد دخلك، قد يكون دخلك هذا الشهر 3000 دولار، وفي الشهر القادم 1000 دولار. وفي شهر ثالث قد يهبط دخلك الى 500 دولار، ولكن سرعان ما يرتفع بعدها الى 3000 دولار مرة اخرى وهكذا…
فهذا يتوقف على وقتك، وتنظيمك، ومدى التزامك من العملاء. فيجب ان تكون على دراية بأنه ان لم عمل أسبوع، فأنت هكذا سوف تحصل بالسلب على حصيلتك في نهاية هذا الشهر.
- ليس هناك جهة رسمية نظامية مسئوله عنك
العديد من الشركات الان تراعي موظفيها في عديد من الامور، وتحديد الامور الماديه والتأمينات وغيرها من الميزات الاخرى. فأنت كموظف يكون لديك تأمينات اجتماعيه وصحية تستطيع الاستفادة بها بشكل دوري ودائم. بالاضافة لمكافآت نهاية الخدمة والمعاشات وغيرها من الضمانات التي يحصل عليها من هم يعملون لدى شركات حكومية او خاصة.
- ليس لديك كيان رسمي ترتكن عليه
أحيانا يكون هذا سبب يجعل العديد من العملاء يبتعدون عن خوض هذه التجربه مع المستقلين، وذلك لعدم امتلاكهم كيان حقيقي او مقر او شركة رسميه مسئولة يتعاملون معها، فكل من يتعاملون معه هو شخص مجهول الهويه بالنسبه لهم. ولكن هذا الأمر غالبا يكون ظاهر ومؤثر أكثر في فترة البدايات، ولكن سرعان ما ينتهي بعدما يصبح لديك سابقة اعمال وتعاملات جيدة مع شركات واشخاص مختلفين، وأيضا وجود موقع رسمي لك قد يخدمك بشكل كبير امام هؤلاء العملاء.
في النهاية، العمل كله رزق، وأنت حتى بعملك في شركة خاصة، فأنت معرض في أي وقت أن يتم فسخ تعاقدهم معك، او انتهاؤه ورفضهم تجديد التعاقد بينكم. فكل هذه المشاكل والصدامات وارده في اي مجال عمل، ولكن الحقيقة الوحيدة المؤكده، أنه بقدر سعيك واجتهادك، بقدر ما سيكون رزقك.